الأحد، 24 يوليو 2016

الانتخابات في الصحراء .. إحياء للقبيلة وتعبئة تروم الإجماع

الانتخابات في الصحراء .. إحياء للقبيلة وتعبئة تروم الإجماع



نبش باحثان مغربيان هما شغالي حريش، باحث في العلوم السياسية، والبدر حسن، باحث في القانون العام، ضمن دراسة ضمتها دفتا كتاب صدر حديثا عن مركز "تكامل للدراسات والأبحاث"، بعنوان "قراءات موضوعاتية لانتخابات 4 شتنبر 2015"، في خبايا الانتخابات بالصحراء.
وأورد الباحثان في دراستهما الموسومة بعنوان "الانتخابات في الصحراء.. إحياء للقبيلة"، أن الانتخابات في الأقاليم الجنوبية توفر فرصة مضاعفة لمحاولة استنباط معاني السياسة في ملابستها بسياق اجتماعي قبلي من جهة أولى، ومن جهة ثانية مشروعا سياسيا يتحدى أسس الإجماع والمشروعية السياسية.
وأفادت دراسة الباحثين بأن اللحظة الانتخابية الممتدة في الصحراء أكثر تفاعلية و"حرارة" من غيرها، وتوضح عبر الدفوعات والمرافعات والاصطفافات ما يمكن أن يكون قد لحق هذه الثقافة بعد أربعين سنة تقريبا من الاستقرار المفروض في المدن الصحراوية.
الدراسة أوردت أن وسائل الحملة الانتخابية بالصحراء ليست في النهاية سوى "وسائل مراهنات العرض المعهودة في زمن البداوة، من ترزفاتن وإشاعات وتصالحات، وﮕبيض الكلمة، والمساعدة في النوائب، والتقرب من رجال السلطة، أو تحقيق مسارات ثروة ناجحة وإن كانت في أغلبها غير مشروعة".
وأكد الباحثان أن الانتخابات بالصحراء حافظت، على امتداد زمنها، على إذكاء قيم مراهنات العرض، إلا أنها جعلتها أكثر سلمية، وإن كانت أكثر ضجيجا أحيانا، مقارنة مع المراهنات نفسها في زمن البداوة، مضيفين أن "الرهان على الانتخابات هو رهان محموم على الحضور في مواقع السلطة والحظوة والغنيمة".
وسجلت الدراسة ذاتها أن "التحالفات الانتخابية هي أقرب إلى نموذج اللوبي المصالحي منه إلى العصبي؛ إذ تبدو العصبية مفيدة تجاه الناخبين من أجل حشدهم"، مردفة أنها واحدة من الوسائل المفضلة، غير أنها مجرد وسيلة إلى جانب وسائل أخرى يعتمدها المرشحون المحترفون.
وذهب الباحثان إلى أنه "من أجل هذا التحيين المقصود والموسمي لزمن الحرابة في زمن السلم، نرى كُوفَات (قوافل) انتخابية توحي بالشكل المعهود لمناسبات الأعراس وتيرزفاتن المصحوبة بالزغاريد والاستعراض والجيوش من الأطفال والنساء، وهي ربما حشود جاهزة للاستعراض مع جميع المتنافسين".
ولاحظ شغالي حريش والبدر حسن أن ساكنة المدن الصحراوية تتضاعف عموما في يوم الاقتراع بشكل مثير للانتباه، إلا أن هذه الظاهرة أقوى في المدن والقرى الصغيرة؛ حيث تتعدد الولائم وترتيبات استقبال الناخبين المهاجرين من مناطق متعددة، بشكل يجعل بعض المواد الغذائية نادرة.
وأدلى الباحثان بملاحظة أخرى تتمثل في انخراط مجموعة من وجوه "بوليساريو الداخل" في العملية الانتخابية، سواء عبر الدخول في لوائح أو عبر المناصرة العلنية والسرية المحمومة لخيارات انتخابية معينة، رغم الموقف الرسمي للجبهة الداعية إلى مقاطعة الانتخابات، باعتبارها تعطي مشروعية للنظام السياسي المغربي.
ولفت المصدر ذاته إلى أن "الملاحظ هو التوجه الجماعي للنساء والرجال للإدلاء بأصواتهم، سواء مشيا على الأقدام أو ركوبا على سيارات خفيفة أو سيارات الدفع الرباعي، مما لا يوحي بوجود جهة ما تمارس نوعا من التعبئة الخفية، أو التوجيه الجماعي لقناعات الناخبين".
وسجل الباحثان ملاحظة أخرى، وهي وجود مساومة على مجموعة أصوات جماعية ذات الانتماء القبلي شبه العائلي لجماعات قبلية فرعية، وهو ما تؤكده ملاحظة تعود إلى الانتخابات البرلمانية لسنة 2011، تحديدا في جماعة قروية خاصة بالرحل، رغم أن الهيئة الناخبة التي تشكل هذه الجماعة في أغلبها ليست من الرحل.
وذهب الباحثان إلى أن "الإقبال الكثيف لأهل الصحراء لا يعني انخراطهم في نسق دولتي أو نظام مشروعية محسوم كما يحاول الخطاب الرسمي أن يؤكد، بقدر ما يفسر ذلك بارتباط اللحظة الانتخابية بمراهنات العرض الدائمة التي كانت تقتات في زمن البداوة بالحرب، لتعيش الآن على ممكنات الحضور في فضاء السلطة".

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More